أيام وتتلألأ الذكرى الثانية لوفاة الشهيد (خالد سعيد) لمعت ذكراه في رأسي عندما قرأت الدعوات المتتالية للنزول في وقفة لإحياء ذكراه العطرة .
عدت بذاكرتي قليلا لأول مرة أسمع عن حادثته وأتأثر بها ووجدت أحد الأصدقاء يحدثني عن صفحة (كلنا خالد سعيد) بعد الحادثة باسبوع .
تابعت من خلالها الكثير مما يخص جريمة قتله , لكن ما أثر بي بشدة هو كم المهانة الذي فوجئت بأننا نعيشه .. نعم فوجئت ! لم أكن أدري شيئا عما يدور حولي من أحداث من ظلم أو فساد , رأيت ما لم أحلم بوجوده من الأساس.
من خلال متابعتي للصفحة وجدتني أصحو من غفلة طويلة لم يخطر ببالي أني ساصحو منها ... لكني إستيقظت على كابوس بمعنى أدق كوابيس .
في البداية كنت أبكي كثيرا مما حدث لخالد وأسلوب قتله الوحشي لكن دموعي إعتادت على النزول رغم إرادتي مما كنت أراه من فيديوهات وأخبار تتناول كل ما هو فساد داخل مجتمعنا .
خرجت في عدة وقفات خاصة بقضية خالد رحمه الله لم أتخيل نفسي يوما أشارك في الحياة السياسية وجدت نفسي منغمسة لأذني فيها ... بل وناشطة أيضا أتحرك , أكتب وأعترض إلى جانب التحذيرات الشديدة من أحد الأقرباء أن كل ما نتحدث فيه على صفحاتنا هو مراقب وأسمع كلمات مثل (لمي نفسك – خفي شوية – بلاش الهجوم المباشر ده – إنتي عندك عيال خافي على نفسك وعليهم ) وما إلى ذلك من تعبيرات كل هدفها هو بث القلق والذعر بنفسي مما قد يحدث لي إذا (تقلت العيار) .
وجدتني بلا قيود أطير نحو سماء الحرية فهذه الكلمات لم تكن تزيدني سوى عنادا وإصرارا على التمسك بكلمة الحق .
بدأت الدعوات لمظاهرة (25 يناير) فلم تكن وقتها ثورة تحمست بشدة ... لكن عندي أبناء أردت الخروج فإتصلت يومها بأحد المنسقين للمظاهرة في محافظتي والتي كانت منشورة على صفحة (كلنا خالد سعيد) وعرفت أنهم خلال دقائق سيصلون قريبا من منزلي .
إرتديت ملابسي وأغلقت الباب على أبنائي فلم أغامر بالنزول بهم لأني لا أعرف ماذا ينتظرني هناك ... ذهبت جريا إلى نقطة الإلتقاء , هالني ما رأيت إهتز قلبي طربا , تحدثت إلى قريب لي كان في طريقه للمظاهرة أصف له ما أرى , ودموعي تسبق كلماتي .
ما رأيته حرك قلبي ومشاعري تجاه وطني ... شعرت بأني أولد من جديد وأنا أرى حريتي تنطلق أمامي بلا مسيطر رغما عن أنف النظام وأذنابه .
هتفت من قلبي الشعب "يريد إسقاط النظام" يالله يالها من لحظات لا يوازيها أي إحساس مر بي في حياتي .
وتوالت الأحداث بسرعة ولم أكن أجرؤ للنزول سوى للمتابعة من بعيد وليس المشاركة لكوني أم مسئولة عن أطفال حتى معركة الجمل ... فكانت هى القاصمة والحاسمة لإرادة الشعب .
شاركت في كل المليونيات لم أترك منها واحدة بعدها حتى حدث التنحي تابعت كل الأحداث بكل المواقف لجميع الاطراف ذاكرتي تحمل الكثير من الذكريات .
لكن تبقى ذكرى واحدة هى الأهم وهى إستشهاد خالد سعيد والتي كانت الشرارة أو القشة التي قصمت ظهرنا جميعا ووصلت بنا الآن إلى حد الإختيار ... بغض النظر عما نعايشه الآن من أحداث عديدة منها المخزي والمحزن , المفرح ولو أنه قليل والصادم وهو كثير .
أعيش أجمل لحظات حريتي رغما عن الآلام ودوما أعود إلى صورة (خالد سعيد) وأدعو له بالرحمة والغفران فإدعوا له ولجميع شهدائنا ممن بذلوا روحهم في سبيل هذا الوطن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق